معنى مصطلح الاحوال الشخصية واهم مواضيعه
بقلم :الاستاذ المساعد الدكتور حيدر حسين الشمري
كلية القانون جامعة كربلاء فرع القانون الخاص
كثيرا مانسمع بمصطلح(الاحوال الشخصية) والذي لا يكاد يترك اسماعنا كل يوم ،ولكن قد يثار تساول حول المقصود من هذا المصطلح ؟ وما هي العناوين التي تندرج تحته؟ وما هو اصل هذه الكلمة ؟
يقصد بمصطلح الاحوال الشخصية كما جاء في الموسوعة العربية الميسرة تحت لفظ أحوال شخصية بانه مجموعة ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية أو العائلية التي رتب القانون عليها أثراً قانونياً في حياته الاجتماعية مثل كونه ذكراً أو أنثى وكونه زوجاً أو أرمل أو مطلقاً أو أباً أو ابناً شرعياً أو كونه تام الأهلية أو ناقصها لصغر سن أو عته أو جنون أو كونه مطلق الأهلية أو مقيدها لسبب من أسبابها القانونية .او هو مجموعة الأحكام والمبادئ والمسائل المنظمة للعلاقات داخل الأسرة ، بما يشمل أحكام الخطبة والزواج ، والمهر ، ونفقة الزوجة وواجباتها تجاه زوجها ، والطلاق وتفريق القاضي بين الزوجين والخلع والنسب والرضاع وحضانة الأولاد والميراث والوصية والوقف.
ومصطلح الاحوال الشخصية من المصطلحات القانونية الجديدة التي ظهرت لدى فقهاء الغرب للدلالة على مجموعة الأوصاف التي يتميز بها كل فرد عن سواه، والتي ترتبط به ارتباطاً مصيرياً : فهي أوصاف ذاتية ، صدرت عن معطيات ، أوجبت حقوقاً والتزامات . فالاسم والأهلية والزواج أمور تظهر منها ذاتية صاحبها وخصوصياته ، وهي ألصق ما تكون ترجمة عن معتقداته وتصوراته في الكون والحياة.
ومع اشتداد حركة التجارة وتنقل الأشخاص في بلدان أوروبا المختلفة في العصور الوسطى، كان لابد لكل مدينة أو مقاطعة حكمها الذاتي وقوانينها الخاصة بها التي قد تختلف بكثير أو قليل عن أنظمة المدينة الأخرى. ما دفع المشتغلين في الدراسات الحقوقية والفقهية من فصل بين حالات المرء المختلفة فجعلوا للحالة الشخصية أعلاه قوة تنتقل مع المرء حيثما ذهب، وترافقه كظله الذي لا ينقطع، وأطلقوا على ما يتعلق بالعقارات مثلاً الأحوال العينية وأعطوها قوة تشدها إلى مكانها فتسري عليها دوماً أحكام ذلك المكان.
فهو اذن كما اتضح أصله اصطلاح إيطالي ابتدعه الفقهاء الإيطاليون في القرنين الثاني عشر والثالث عشر حلاً لمشكلة تنازع القوانين، ثم انتشر بعد ذلك وعم كل القوانين الأجنبية الأخرى.
وأول من استعمل هذا المصطلح في الفقه العربي الإسلامي في مطلع القرن العشرين العلامة المصري محمد قدري باشا عندما ألف كتابه «الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية»، وهو كتاب صنفه في مواد قانونية بلغت 647 مادة أخذها كلها من القول الراجح في مذهب الإمام أبي حنيفة من دون غيره تلبية لحاجات القضاء الشرعي الإسلامي في مصر الذي يعتمد هذا المذهب في أحكامه على المصريين المسلمين، ثم شاع هذا الكتاب وانتشر في أكثر الأقطار العربية والإسلامية ومنها العراق ومصر .وقد حددت محكمة النقض المصرية في حكمها الشهير بتاريخ 21/6/1934م معني مصطلح الأحوال الشخصية ، فنص هذا الحكم علي أن: “الأحوال الشخصية هي مجموع ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية أو العائلية التي رتب القانون عليها أثراً قانونياً في حياته ككونه إنساناً ذكراً أو أنثى وكونه زوجاً أو أرمل أو مطلقاً أو ابناً شرعياً ، أو كونه تام الأهلية أو ناقصها لصغر سن أو عته أو جنون أو كونه مطلق الأهلية أو مقيدها بسبب من أسبابها القانونية ، أما الأمور المتعلقة بالمسائل المالية فكلها بحسب الأصل من الأحوال العينية ، وإذن فالوقف والهبة والوصية والنفقات علي اختلاف أنواعها ومناشئها من الأحوال العينية لتعلقها بالمال وباستحقاقه وعدم استحقاقه ، غير أن المشرع المصري وجد أن الوقف والهبة والوصية وكلها من عقود التبرعات تقوم غالباً علي فكرة التصدق المندوب إليه ديانة ، فألجأه هذا إلي اعتبارها من قبيل مسائل الأحوال الشخصية ، فيما يخرجها عن اختصاص المحاكم المدنية التي ليس من نطاقها النظر في المسائل التي قد تحوي عنصراً دينياً ذا أثر في تقرير أحكامها.
وعموما فمنذ نشوء هذا المصطلح في الفقه الأجنبي والفقهاء مختلفون في تحديد نطاقه ومضمونه، مع اتفاقهم على إطاره العام. فالأحوال عندهم نوعان نوع ذو طابع شخصي ويُسمى بالأحوال الشخصية، ونوع ذو طابع مالي يسمى بالأحوال العينية. وعندما انتقل هذا المصطلح إلى العربية انتقل حاملاً معه الخلاف في مضمونه. وقد اتفق الفقهاء العرب على أن هذا المصطلح يضم سائر الأحكام المنظِّمة للعلاقات الأسرية مثل الزواج والطلاق والولاية، وكذلك الأحكام الخاصة بالإنسان كالأهلية. ولعل أوضح ما يدل على ذلك تسمية القانون العثماني الصادر في عام 1917م المتضمن لهذه الأحكام باسم «قانون حقوق العائلة».
إلا أن هنالك أحكاماً أخرى هي محل اختلاف بين الفقهاء إذ يرى بعضهم دخولها في نطاق الأحوال الشخصية ويرى آخرون خروجها عنها ودخولها في الأحوال العينية، ومن ذلك الوصية والهبة والوقف والمهر .وقد اتجه محمد قدري باشا إلى توسيع نطاق الأحوال الشخصية وأدخل فيها الأبواب الآتية:ـ الزواج وما يتضمنه من أركان وشروط، وما ينتج عنه من أحكام وآثار كالمهر، والطلاق وما يتضمنه من أركان وشروط وما ينتج عنه من أحكام وآثار كالعدة، وحقوق الأولاد كالنسب والرضاعة والنفقة والولاية والوصاية، والحَجْر وأسبابه وآثاره، والهبة، والوصية، والتركات، والمواريث. واتجه آخرون إلى إخراج الهبة والوصية والمواريث من دائرة الأحول الشخصية وهم أكثر فقهاء مصر المعاصرين، فقد قصروا كتاباتهم في الأحوال الشخصية على نطاق الزواج والطلاق وآثارهما، وحقوق الأولاد كالنسب والنفقة والولاية والوصاية.
اما في العراق فقد ظهر هذا المصطلح في عام 1931 عندما شرع قانون الاحوال الشخصية للاجانب رقم 78 لسنة 1931 الذي اشار في م (1) منه على ان على المحاكم العراقية عندما تنظر في دعاوى المواد الشخصية المتعلقة بالاجانب والتي جرت بتطبيق قانون البلد الاجنبي فيها ان تطبق ذلك القانون وفق احكام قانون الدولة الخاصة باعتبارها القانون الشخصي .
والقانون الشخصي هو قانون الدولة التي يكون ذلك الشخص من رعاياها او قانون دولة اخرى عندما ينص القانون المذكور على تطبيقه.لكن هذا القانون خاص بالاجانب ولكن بصدور قانون الاحوال الشخصية العراقي النافذ رقم 188 لسنة 1959 طبق هذا المصطلح على كافة العراقيين المسلمين وتناول كافة مسائل الاحوال الشخصية من زواج وطلاق واثارهما من نسب وعدة وحضانة ونفقة ووصية وميراث و وصاية.
مع ملاحظة ان من اهم مواضيع الاحوال الشخصية التي تبحث في نطاق القانون المدني هي الاهلية وما يتعلق بها من موانع وعوارض. وكذلك العديد من احكام الوصية والوصاية والقوامة واحكام حق الانتقال والميراث فهي امور بالاصل ترجع الى مفهوم الاحوال الشخصية الا انها لم تنظم بشكل وافي في قانون الاحوال الشخصية ونظمها القانون المدني وقوانين اخرى مثل قانون رعاية القاصرين.
ويلاحظ على موقف التشريع العراقي من مسائل الاحوال الشخصية انه غير دقيق وذلك لانه كما اسلف عدم ادخاله لبعض مسائل الاحوال الشخصية ومنها الاهلية وعوارضها في قانون الاحوال الشخصية وانما نظمها في قوانين متفرقة كالقانون المدني ورعاية القاصرين …الخ.
كما ان المشرع العراقي زج مواضيع في قانون الاحوال الشخصية لا علاقة لها به كالوصية التمليكية والمواريث التي هي في الغالب تتعلق بالمال لا في مسائل الاحوال الشخصية حيث ان مدار بحثها في القوانين المدنية وان نظمها الاخير في مسائل متفرقة ليست بالقليلة .
عليه نرى ضرورة ان يتم اعادة التنظيم القانوني لمسائل الاحوال الشخصية في العراق من جديد وذلك من خلال :
1- سن قانون خاص للاحوال الشخصية يتضمن مسائل الزواج والطلاق وما يترتب عليها من مسائل تتعلق بالنسب والحضانة والرضاع والنفقة …الخ ويدخل فيها مسالة الاهلية وعيويها وعوارضها.
2- تنظيم مسائل الوصية وما يتعلق بها من احكام في قانون مستقل .
3- تنظيم مسائل الميراث في قانون خاص بالتزامن مع القانون المدني مع مراعاة مذهب المورث حين الوفاة عملا بما كان عليه الحال في العراق قبل نفاذ قانون الاحوال الشخصية الحالي في 30-12-1959.